رغم فوزه على بايرن مونشن في ملعب آليانز آرينا بألمانيا بهدفين نظيفين، لحق آرسنال يوم الاربعاء الماضي بمانشستر يونايتد خارج دوري أبطال أوروبا من دور الثمانية، لتغيب الأندية الإنجليزية عن مرحلة الدور ربع النهائي للمرة الأولى منذ 17 عاماً عندما استحدث نظام المجموعات موسم 1995/1994.
توديع الرباعي المشارك في مسابقة هذا الموسم (تشيلسي، مان سيتي، مان يونايتد وآرسنال) رسالة تحذير واضحة لجل أندية البريميرليج الطامحة للمشاركة القارية في المواسم القادمة، وهو تحذير شديد اللهجة لرابطة الأندية المتحكمة في مجريات الأمور المحلية الذي أعتبره المؤثر الأول والمتهم المباشر لما يحدث حالياً للبريميرليج على الصعيد القاري.
الأندية الإنجليزية مطالبة الآن بعد هذه التطورات والتغييرات الواضحة في القارة بألا تتهاون بالخصوم وتجري المزيد من التعاقدات المفيدة وتحاول في الوقت نفسه الضغط على رابطة الأندية الإنجليزية لمنحهم عطلة شتوية كافية لشحن طاقات لاعبيهم.
الرابطة "الجشعة" عليها في المقابة الاستجابة فوراً مع الأمر الواقع فما حدث هذا الموسم دعوى حقيقية للاستيقاظ قبل تراجع إنجلترا في القارة مثلما تراجعت إيطاليا في الآونة الأخيرة بعد ذهاب مقعدها الرابع المؤهل لأبطال أوروبا موسمياً لألمانيا التي طورت من نفسها بأنظمة محكمة تستحق الدراسة فما أكثر الأندية متقاربة المستوى محلياً وما أكثر المساعدات في جدول المباريات لممثلي ألمانيا في البطولات القارية؟
يمكننا إلقاء نظرة على عدد الأندية الألمانية التي شاركت هذا الموسم في دور مجموعات بطولة الدوري الأوروبي "هانوفر، شتوتجارت، باير ليفركوزن وبوروسيا مونشنجلادباخ" بالاضافة للثلاثي "شالكه، بايرن مونشن وبوروسيا دورتموند" في الأبطال لنتأكد من التطور الهائل للبوندزليجا على الرغم من ضعف شعبيته في كل أنحاء العالم مقارنة بأندية إنجلترا المعروفة جداً في جنوب شرق آسيا وأميركا والوطن العربي.
الإنذار الذي أحدثكم عنه لم يبدأ من هذا الموسم فقط وهي مشكلة لاحظتها منذ فترة ليست بالقصيرة، فالبريميرليج على الصعيد القاري منذ عام 2010 بدأ يهتز مستواه القاري بالذات حين خسر مانشستر يونايتد من بايرن مونشن في الدور ربع النهائي وأصيب روني إصابة غريبة (بسبب الارهاق)، وخسر ليفربول وفولهام من أتلتيكو مدريد في الدورين قبل النهائي والنهائي في نفس السنة بالدوري الأووروبي، والطريقة التي خسروا بها جميعاً كشفت لنا ضعف مخزونهم اللياقي ومعاناتهم جاءت بسبب ما يحدث معهم في فترة أعياد الميلاد المكتظة جداً بالمباريات المحلية من دوري لكأس اتحاد والبطولة الدخيلة (كأس الرابطة) التي تأسست فقط في الستينيات.
أصوات صافرات هذا الانذار تعالت وأحدثت دوي هائل في عام 2011 بعد خروج آرسنال أمام برشلونة من دور ال16 بسبب الإصابات التي ضربت فابريجاس، سونج وفان بيرسي والحارسين فابيانسكي وتشيزني قبل المباراة، ثم جاء الدور في النهائي الذي أقيم في قلب إنجلترا على مانشستر يونايتد بخسارته أمام برشلونة بثلاث أهداف لهدف.
وفي عام 2012 كان أكبر وأهم انذار على الاطلاق للإنجليز الذين ظلوا ينظرون لانفسهم على أنهم الأفضل على الاطلاق أمام العالم، ليدفعوا الثمن غالياً بتوديع اليونايتد والسيتي للدور الأول ثم خروج آرسنال أمام ميلان من ثمن نهائي، ليتبقى "تشيلسي" الذي ترشح بخبرة لاعبيه والتكتيك المحكم الذي رسمه المدرب روبرتو دي ماتيو لهزيمة نابولي ثم ضعيف الخبرة "بنفيكا" ومن ثم برشلونة الهش هجومياً والغئب عنه رأس حربة حقيقي قادر على خطف الفرص بدلاً من أليكسيس الذي تاه وسط الزحام الدفاعي مع ليونيل ميسي.
فوز تشيلسي بالأبطال الموسم الماضي كان رائعاً جداً للإنجليز ولمدينة لندن التي لم تتذوق طعم الكأس ذات الأذنين، لكن تمثيل تشيلسي لهم في نهائي آليانز آرينا كان نقمة أكثر منه نعمة، فقد اعتقد ريتشارد سكوادمور ورفاقه في رابطة الأندية الإنجليزية أن عدم تخصيصهم لعطلة شتوية وضبط مواعيد المباريات المحلية وتواريخها حسب ما تراه قنوات سكاي سبورتس لجمع أكبر قدر من العوائد المالية أمر عادي ويمكنه أن يعمل مع متطلبات المنافسات القارية، لكن هذا أرهق اللاعبين ذهنياً وبدنياً وجعلهم الأكثر عرضة للإصابات من بين جميع الأندية المشاركة وهذا يتضح مع سير كل مباراة، وستكون معجزة حقاً إذا فاز توتنهام بالدوري الأوروبي هذا الموسم، فأشك مع حجم المنافسة المحلية التي يواجهه أمام تشيلسي وآرسنال وليفربول وإيفرتون للحصول على المركز الرابع أن يستطيع المواصلة على نفس المنوال الذي لعب به في مباراة الذهاب ضد الإنتر والتي انتهت بفوزه بثلاثة أهداف نظيفة.
قبل بداية مباراة ريال مدريد مع مانشستر يونايتد على ملعب سنتياجو برنابيو، انتشر حديث داخل رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة عن تخطيطهم لاقامة مباراة ديربي مدينة مانشستر يوم الاثنين الموافق الثامن من أبريل بدلاً من يوم السادس من نفس الشهر، وهو ما يعني تمني الرابطة لخروج مانشستر يونايتد من الأبطال على يد الريال وعدم تأهله للدور ربع النهائي لأن مباراة ذهاب ربع نهائي أبطال أوروبا ستقام يومي الثلاثاء والاربعاء 9 و10 أبريل - اقرأ التقرير من هنا-
وعندما سُئل سير أليكس فيرجسون عن هذه القضية قال "لا دخل للاتحاد الإنجليزي بهذه المشكلة، فرابطة الأندية الإنجليزية هي المسؤولة عن ذلك بسبب توقيعها على عقد مع قنوات سكاي".
اليونايتد قبل مباراة الريال في مدريد، لعب يوم الأحد ضد إيفرتون في البريميرليج، بينما لعب الريال يوم السبت، ما تسنى له الحصول على راحة بدنية بالاضافة لأنه استضاف المباراة في ملعبه، أما اليونايتد فسافر يوم الاثنين ليلعب يوم الاربعاء، وفي الشوط الثاني اتضح تأثر اليونايتد البدني بتراجعه للخلف وتفوق أصحاب السرعات على المدافعين أمثال "آنخل دي ماريا ورونالدو وكوينتراو".
ما حدث هذا الموسم يؤكد أن الهيئات المحلية للأندية الإنجليزية لا تقدم يد العون أثتاء المراحل المتقدمة ببطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي ما ينتج عنه ضعف نتائج الإنجليز على الصعيد القاري، على النقيض في إسبانيا وإيطاليا يجد ممثلي الدوريين تأييد كبير من الاتحاد المحلي وجميع الهيئات الكروية المحلية، وفيرجسون شدد على ذلك في حديثه يوم التاسع من فبراير الماضي بقوله: "سنلعب أمام ريال مدريد بتشكيل مغاير للذي سنبدأ به يوم غد الأحد أمام إيفرتون في الدوري، وهذا أمر سبق وحدث معنا في السابق، قبل عدة مواسم لعبنا في دوري الأبطال مباراة مساء يوم الاربعاء ثم تعرضنا للخسارة في المباراة التالية ببطولة الدوري أمام تشيلسي لأننا واجهناهم يوم السبت، أتذكر أننا خسرنا 2/1، في إنجلترا لا تحصل الأندية على الدعم الكافي من المؤسسات لتحقيق النجاح في المسابقات الأوروبية لكن هذا لا يحدث في دوريات آخرى توجد فيها تضحيات كي تنجح أنديتها على الصعيد القاري".
الإنجليز يعانون الآن من جشع هذه الرابطة والمعلنين والقنوات الناقلة للبطولات المحلية الثلاث، فهذه الرابطة لا تبحث إلا عن جني الأموال ويساعدها على ذلك ترتيبها بعض الأمور مع رؤوساء الأندية ما يؤدي لتقاعسهم عن الضغط على غرف صنع القرار للحصول على راحة شتوية مثل بقية الدوريات الكبرى.
كل هذا أدى وسيؤدي لمزيد من التراجع القاري على مستوى "التنافس" وبالتالي نفور الكثير من المواهب من البريميرليج وانتقالهم لليجا الإسبانية فالتضحية المالية مع مستوى الضرائب المرتفع في إنجلترا سيتلاشى مع تلاشي قوة التنافس وتواضع الاعلانات ومهنية النشاط الصحفي الذي لا يقارن بنشاط ماركا، آس وموندو ديبورتيفو وغيرها من صحف تسلط الأضواء على النجوم بصورة مستمرة عكس صحف إنجلترا التي لا تهتم بالنجوم كما ينبغي وتكتفي باثارة الشائعات والفضائح ليس إلا.
الرابطة الإنجليزية بيدها الكثير من الحلول لاعادة الهيبة القارية للبريميرليج على مستوى (التنافس الرياضي) أمام "الليجا، السيريا آ، البوندزليجا" وإذا لم تتحرك نحو الاهتمام بمصالح الأندية المشاركة في المنافسات القارية وتجاهل جني الأموال من المنافسات المحلية فسوف تتفاقم المشاكل أكثر بالذات عندما تجد دوريات كالليجا والبوندزليجا والسيريا آ الحلول لبعض مشاكلهم المالية، فعندها سيصبحون أقوى من الناحية الكروية ومع إنجلترا في مضمار المنافسة الاقتصادية والمالية، ووقتها سيسحب البساط تماماً من تحت البريميرليج بعد سيطرة طويلة تجاوزت الـ10 سنوات على الأدوار النهائية في دوري أضواء الشهرة (أبطال أوروبا)..فحذاري !