ربما ينظر ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم والذي يساند الفرق الصغيرة في اوروبا بكل ما اوتي من قوة - بعين الحسد تجاه افريقيا التي شهدت ارتفاعا مثيرا في مستوى منتخباتها في العامين الماضيين.
ويلقى باللائمة على سوء الادارة وارتفاع اعمار اللاعبين واللجوء لمدربين شاخت افكارهم في تراجع مستوى منتخبات مثل نيجيريا والكاميرون ومصر وجنوب افريقيا والتي فشلت جميعها في التأهل الى نهائيات كأس الامم الافريقية التي تقام حاليا في الجابون وغينيا الاستوائية.
وقد اتاح هذا المجال لفرق مثل النيجر وبوتسوانا اللتين تخوضان البطولة لاول مرة الى جانب السودان وليبيا للوصول الى النهائيات.
وتواصل نفس النهج في البطولة ذاتها.
وودعت السنغال التي يضم خط هجومها موسى سو كبير هدافي دوري الدرجة الاولى الفرنسي في الموسم الماضي وبابيس سيسي الذي احتل المركز الثاني في جدول ترتيب هدافي دوري الدرجة الاولى الالماني الى جانب مامادو نيانج وديمبا با - البطولة عقب خسارتها للمباريات الثلاث في دور المجموعات.
كما سقط المغرب والذي كان احد المرشحين للفوز باللقب قبل البطولة عند اول عقبة الى جانب انجولا الغنية بالنفط.
في غضون ذلك شقت زامبيا التي تشمل تشكليتها لاعبا واحدا محترفا في فريق يلعب بدوري الدرجة الاولى في اوروبا طريقها لدور الثمانية الى جانب منتخب غينيا الاستوائية الذي يعتمد بشكل كبير على اللاعبين المنتمين لفرق في الدوريات الاقل شأنا في اسبانيا والجابون التي لم يكن احد يتوقع نجاحها الى جانب السودان.
وقد بدا هذا امرا خارج عن التوقعات بشكل كبير عند مقارنته باوروبا التي وعلى الرغم من مساندة بلاتيني للفرق الصغيرة فيها فان مشوار التصفيات المؤهلة لبطولة اوروبا 2012 كشف عن انتصارات سهلة لمنتخبات مثل اسبانيا والمانيا وهولندا وايطاليا.
وقال هيرفي رينار مدرب زامبيا "الجميع يتحسن مستواه كما تقف الحكومات خلف فرقها في الكثير من الدول."
واضاف "تساعدهم الحكومات في الاستعداد لكأس امم افريقيا. التأهل لكأس امم افريقيا يعد امرا صعبا وهذا يعني اننا نستحق ان نكون هنا."
ويمثل عبور السودان لدور الثمانية وصفة للفوائد المترتبة على وجود دوري محلي متطور وقوي مقارنة بالاعتماد على لاعبين محترفين في الخارج والذين يحضرون من اوروبا ومن دول الشرق الاوسط والصين بشكل متزايد في الاونة الاخيرة.
ويلعب كافة اعضاء المنتخب السوداني البالغ عددهم 23 لاعبا في الدوري المحلي واغلبهم في ناديي الهلال والمريخ اللذين استطاعا بدعم من ملاكهما الاغنياء تقديم مستوى جيد في بطولات الاندية الافريقية.
كما تضم ليبيا وتونس وبوتسوانا والجابون المشاركة في الاستضافة عددا كبيرا من اللاعبين الذين يلعبون في بلادهم وهو ما يتيح للمدربين ان يمضوا وقتا اطول مع تلك الفرق بدون مواجهة قيود الاجندة الدولية.
وقال محمد عبد الله مازدا مدرب السودان "الطموح كبير لان اللاعبين ينتمون لفرق صغيرة وهم يتطلعون للانتقال لاندية كبيرة ولديهم الحماسة لتقديم اداء افضل."
وقال باولو دوارتي مدرب بوركينا فاسو ان هناك لاعبين ينتمون لفرق اوروبية يتراخون في بعض الاحيان عند العودة للعب مع منتخبات بلادهم.
واضاف لرويترز "اللاعبون الافارقة عندما يغادرون انديتهم الاوروبية ويعودون الى افريقيا تكون لديهم نزعة للراحة واستعادة الذكريات...ويكونون اقل انضباطا. انهم يتراجعون على هذا الصعيد."
كما يعزى الفضل ايضا الى الاتحاد الافريقي لكرة القدم والذي يتعرض لانتقادات دوما بسبب الاضطراب في تنظيم البطولات في تشجيع تطور اللعبة في الدول الصغيرة.
وقال عبد الله مازدا مدرب السودان "شيئا ما تغير وقد لعب الاتحاد الافريقي دورا جيدا ومؤثرا في هذا الامر."
وتمثل احدى نقاط التطور في تدشين كأس امم افريقيا للاعبين المحليين في العام الماضي.
واضاف "كانت بطولة مفيدة للغاية بالنسبة لنا عندما شاركنا في مجموعة التصفيات وشارك لاعبونا في ست مباريات في بطولة افريقيا للاعبين المحليين وحصلوا على خبرة اللعب في الخارج."
وعانت الدول الصغيرة بشكل اقل من تراجع الروح القتالية والتي اصابت منتخبات مثل الكاميرون والنيجر والسنغال.
وجادت غينيا الاستوائية على اللاعبين بعد ان وعدتهم بمكافأت سخية في تناقض صارخ مع الكاميرون حيث ادى الخلاف حول عدم سداد رواتب اللاعبين عن المباريات التي خاضوها لاضرابهم في العام الماضي مما تسبب في الغاء مباراة ودية امام الجزائر.
وعوقب صمويل ايتوو الذي اعتبر زعيما للتمرد بايقافه 15 مباراة دولية وتم تخفيضها لاحقا الى الايقاف لثمانية اشهر.
وعانت كرة القدم النيجيرية دوما من التدخلات القضائية والحكومية والتي ادت الى تهديد الاتحاد الدولي (الفيفا) بايقاف نشاط الكرة في البلاد.
كما طالت فترة بقاء اللاعبين الكبار والمدربين في الدول الكبيرة.
وقال دوارتي "لم تدفع بعض الفرق بلاعبين جدد. منتخبات نيجيريا والكاميرون ومصر هي فرق قديمة لم تلتفت لمسألة تجديد فرقها."
واضاف "انهم يمتلكون لاعبين يبلغون من العمر 35 عاما وقد دفعوا الثمن الان بعد ان اصبحوا فرقا بطيئة الايقاع تخسر امام فرق اكثر شبابا وتطورا."
ورجح المدرب البرتغالي البالغ من العمر 42 عاما ان الفرق الافريقية تحبط مسيرتها عن غير عمد بالتعاقد مع مدربين اجانب كبار لتولي تدريب فرقها قبل البطولات الكبرى مع الاعتماد على دائرة صغيرة ومغلقة من المدربين يتنقلون من دولة لاخرى فيما يشبه لعبة الكراسي الموسيقية.
واضاف "حقيقة انهم من الاسماء الكبيرة في عالم التدريب لا يعني انهم يحملون الحل."
وتابع "الاهم هو منطق كرة القدم او منطق المدرب في تدريب اللاعبين مع اتاحة الوقت للاعبين للتأقلم مع طرق المدربين."
واستطرد قائلا "تعيين مدرب قبل شهر واحد (من البطولة)...خطأ تقع فيه الفرق الافريقية بشكل دائم ومتكرر."
وقال "تعيين مدربين يبلغون من العمر 65 عاما هو امر مثير للتساؤل. لا اقول انه لا يوجد مدربين متميزين في سن 65 الا ان الكثير منهم عفا عليه الزمن حيث لم يقتفوا اثر التطور في عالم كرة القدم كما لم يعد لديهم نفس الطموح للتقدم."
المصدر http://www.kooora.com/default.aspx?c=5870&cm=n|0|153855