يسعى سائق ريد بول-رينو الألماني سيباستيان فيتل إلى تأكيد جدارته وتحقيق فوزه الثالث على التوالي قبل الانتقال إلى أوروبا وذلك عندما يخوض في عطلة نهاية الأسبوع الحالي جائزة الصين الكبرى، المرحلة الثالثة من بطولة العالم لسباقات فورمولا وان. واستهل فيتل حملة الدفاع عن لقبه بطلاً للعالم بأفضل طريقة ممكنة إذ سيطر بشكل تام على السباقين الأولين في استراليا وماليزيا، محققاً فوزه الرابع على التوالي (فاز في السباقين الأخيرين من الموسم الماضي) والخامس في أخر 6 سباقات والثاني عشر في مسيرته. وستنتقل البطولة بعد السباق الصيني إلى ثلاثة سباقات أوروبية، أولها في تركيا في الثامن من الشهر المقبل، ثم اسبانيا وموناكو في 22 و29 منه، ما سيمنح الفرق فرصة إدخال التعديلات المناسبة على سياراتها كونها أصبحت قريبة من مصانعها، وهو الأمر الذي سيساهم ربما في تغيير الصورة الحالية للبطولة والمرجح أن تتكرس في عطلة نهاية الأسبوع الحالي مع فوز ثالث لفيتل. ومن المرجح أن ينجح بطل العالم في إضافة فوز أخر إلى سجله بفضل الهيمنة التي فرضها فريقه ريد بول في بداية الموسم، إذ بدا متفوقاً بشكل كبير على منافسيه ماكلارين مرسيدس وفيراري، فيما كانت المفاجأة المميزة لبداية الموسم متمثلة بفريق لوتوس رينو الذي حل ثالثاً في السباقين الأولين عبر الروسي فيتالي بتروف والألماني نيك هايدفيلد الذي اثبت في ماليزيا أن بإمكانه الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه بعد التعاقد معه لسد فراغ البولندي روبرت كوبيتسا الذي تعرض لحادث خطير قبيل انطلاق الموسم خلال مشاركته في احد الراليات المحلية في ايطاليا. ورغم هيمنة فيتل وريد بول على السباقين الأولين من التجارب التأهيلية حتى خط النهاية، رفض مدير الفريق النمساوي كريستيان هورنر استبعاد التهديد القادم من ماكلارين مرسيدس وفيراري، وهو قال بهذا الصدد "ماكلارين وفيراري هما همنا الأساسي. اعتقد أن بإمكانهما الارتقاء بمستواهما، ففيراري قدمت سباقاً قوياً في ماليزيا وبالتالي يجب أن نركز على تحسين أدائنا. نجحنا في الفوز بالسباقين الأولين من الموسم، وهذا يشكل بداية مذهلة وسنحاول أن نبني على هذا المستوى عندما نتوجه إلى الصين". ونجح فيتل في السيطرة على سباق ماليزيا وذلك دون أن يستخدم "كيرز" في سيارته، أي الجهاز الذي يمنح السيارة طاقة إضافية من خلال تخزين الطاقة الحركية الناجمة عن الفرملة في بطارية ومن ثم استخدامها لاحقاً للحصول على المزيد من الأحصنة، وهذا الأمر يشير إلى أن بإمكان سيارة ريد بول أن تكون أسرع حتى من وضعها الحالي. ورأى هورنر أن المفتاح الأساسي لفوز فيتل في ماليزيا كان متمثلاً بالإستراتيجية التي وضعها الفريق قبل السباق، مضيفاً "اعتقد أن الإطارات أصبحت العامل الأساسي في تحديد أداء السيارات. اعتمدنا (في ماليزيا) مقاربة مختلفة قليلاً عن تلك التي اعتمدناها في ملبورن وركزنا كثيراً على السباق بحد ذاته، واعتقد أن هذا الأمر أعطى ثماره. قد تكلفنا هذه المسألة بعض الوقت في التجارب التأهيلية لكني اعتقد أن المقاربة التي اعتمدناها كانت صحيحة تماماً".
وبدوره اعتبر المدير التقني والعقل المدبر في ريد بول ادريان نيوي أن الصورة ليست واضحة تماماً حتى الآن في ما يخص الأفضلية التي يتمتع بها فريقه تجاه منافسيه، مضيفاً "اعتقد أن الأوضاع كالعادة قد تتغير سريعاً في فورمولا وان. ماكلارين كانوا اقرب في التجارب التأهيلية مما كانوا عليه في ملبورن. ما مدى تأثير طبيعة الحلبة وما مدى التغييرات التي ادخلوها على السيارة خلال فترة الأسبوعين، لا اعلم، لكني لا املك معلومات كثيرة عن سيارتهم". وإذا كان نيوي وهورنر لا يريدان المبالغة في التحدث عن حجم تفوق فريقهما وسائقهما فيتل على المنافسين، فان سائق فيراري الاسباني فرناندو الونسو الذي حل رابعاً في استراليا وسادساً في ماليزيا بعد أن كان من ابرز المرشحين في بداية الموسم، كون فكرة واضحة عن الوضع العام في البطولة حتى الآن. "من الواضح أني أريد دائماً القتال من اجل المركز الأول، لكن في الوقت الحالي هناك سيارة واحدة بعيدة المنال، إنها سيارة فيتل"، هذا ما قاله الونسو الذي يعاني الأمرّين في التجارب التأهيلية كما حال زميله البرازيلي فيليبي ماسا، لكن أداءهما في السباق ليس سيئا على الإطلاق. وأضاف الونسو "كما رأينا في استراليا، ومرة أخرى في ماليزيا، سرعتنا في السباق كانت أفضل بكثير من التجارب". وأعرب رئيس فيراري لوكا دي مونتيزيمولو عن ثقته بقدرة فريقه على "الرد المذهل" وحل المشكلة التي واجهته في التجارب التأهيلية للسباقين الأولين في استراليا وماليزيا لكنه قدم أداء جيداً خلال السباقين، ما دفع مدير الفريق ستيفانو دومينيكالي والمدير التقني الدو كوستا والمهندس المسؤول بات فراي إلى العودة إلى مارانيلو بعد سباق الأحد الماضي في سيبانغ من اجل التحقيق بالمسألة ومعرفة الأسباب التي تقف خلف هذه المعاناة وخلف فشل التعديلات الجديدة في منح السيارة قوة الجر العامودي بطريقة مماثلة لتلك التي أظهرها نفق الهواء خلال الاختبارات. وإذا تمكن الفريق الايطالي من حل المعضلة التي يواجهها فمن المتوقع أن يدخل تعديلات إضافية على السيارة ما سيمكنها من مجاراة ريد بول-رينو أو تقليص الهوة التي تفصلها عن الأخيرة على اقل تقدير. وبدا دي مونتيزومولو واثقاً من أن فريقه يعلم ما يجب القيام به وبأنه سيتمكن تقريبا من استخدام الطاقة القصوى للسيارة، مضيفا "أنا لست راضياً بشكل مؤكد من الطريقة التي بدأنا فيها الموسم لكني أثق تماماً بالأشخاص الموجودين هنا (في الفريق) لأنهم يعلمون كيف يتصرفون عندما يكون الوضع صعباً. أنا متأكد من أن ردنا سيكون مذهلاً. أنا اعلم بان الجميع يقدم كل ما لديه واملك الثقة التامة بالقوة الإنسانية والتقنية لطاقمنا. أنا مؤمن بان الفترة التي نتمنى فيها الصعود إلى منصة التتويج وحسب (أي احتلال المركزين الثاني أو الثالث وليس الفوز)، ستنتهي قريباً". ومن جهته، اعترف الونسو بأنه فرط بفرصة إنهاء سباق ماليزيا في المركز الثاني بعدما ارتكب خطأ قيادة وحطم الجانح الأمامي لسيارته بزميله السابق في ماكلارين مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون عندما كان يحاول تجاوزه، مضيفاً "كان من المخيب أن لا اصعد إلى منصة التتويج في ماليزيا لان ذلك كان في متناولي ولو نجحت به لكانت نتيجة رائعة...لكن السوء الحظ لم تجر الأمور كما أردنا ودفعنا أيضاً ثمن العطل في الجهاز الذي يشغل الجانح المتحرك. اعلم أن المهندسين الذين تحدثت معهم في الأيام القليلة الماضية اكتشفوا المشكلة وعالجوها". ولعب الجانح المتحرك دوراً هاماً في سباق ماليزيا وسمح بإجراء الكثير من التجاوزات المثيرة وذلك خلافا لسباق استراليا، كما كان لإطارات بيريلي دوراً في إضافة المزيد من الإثارة على السباق ما دفع الفرق للتعبير عن سعادتها بالأثر الذي خلفته التعديلات الجديدة في أنظمة بطولة العالم. وشكك العديد من المراقبين بقدرة التعديلات الجديدة على زيادة الحماس خصوصا بعد السباق الافتتاحي على حلبة البرت بارك الاسترالية حيث افتقد الجانح المتحرك إلى الفعالية المنتظرة منه ولم يسهل عملية التجاوز بالشكل الذي كان يؤمل منه، كما أن إطارات بيريلي بدت قادرة على التحمل للفات طويلة دون أي تآكل وذلك خلافاً لتوقعات الشركة الايطالية التي حلت بدلاً من بريدجستون اليابانية. لكن الوضع كان مختلفا في سباق ماليزيا الذي شهد تجاوزات بالجملة بفضل الجانح المتحرك وجهاز "كيرز"، كما اضطر السائقون للتوقف 3 مرات على اقل تقدير من اجل استبدال إطارات سياراتهم، ما أضاف الكثير من الإثارة والحماس إلى السباق. وقال مدير ماكلارين مرسيدس البريطاني مارتن ويتمارش الذي حل سائقاه ومواطناه هاميلتون وجنسون باتون في المركز الثاني خلال السباقين الأولين، "إذا ما عدنا إلى ماليزيا فاعتقد انه ليس بالسباق السيئ على الإطلاق واعتقد أن وضع الإطارات ومحاولة السائقين المحافظة عليها خلال مختلف مراحل تآكلها يزيدان من متعة الاستعراض". وواصل "اضطرت بيريلي إلى دخول هذه الرياضة دون أن تجري الكثير من الاختبارات، وعلينا أن نحييهم على العمل الذي قاموا به. بإمكان بعض السائقين التذمر لكن إذا ما نظرنا إلى الوقائع والى هذه الرياضة، فنرى بأننا حظينا بإطارات أمنة قدمت المزيد من التحدي للفرق وقدمت المزيد من المتعة". ومن المرجح أن تلعب الإطارات دورها في السباق الصيني الذي فاز به الموسم الماضي باتون أمام زميله هاميلتون، كما سيكون للجانح المتحرك دوره أيضاً وقد حدد الاتحاد الدولي "فيا" المنطقة التي سيسمح للسائقين فيها استخدام الجانح المتحرك وستكون في الخط المستقيم الموازي لخط الانطلاق وسيتم تفعيله في منتصف الخط المستقيم بعد المنعطف الثالث عشر من هذه الحلبة التي يبلغ طولها 5.451 كلم، فيما يتكون السباق من 56 لفة (طول السباق 305.066 كلم). تجدر الإشارة إلى انه لم يسبق لأي سائق أن فاز بسباق شنغهاي لأكثر من مرة منذ انضمامه إلى الروزنامة العالمية عام 2004، لكن فريق فيراري هو الأكثر فوزاَ عبر البرازيلي روبنز باريكيلو (2004) والألماني مايكل شوماخر (2006) والفنلندي كيمي رايكونن (2007).