دار النقاش كثيراً بين العلماء حول هذه المسألة، وحتى لا يحصل التشتيت أكثر لطالب الحق؛ نورد هنا ما نرى أنه الحق في هذه المسألة - والله أعلى وأعلم -؛ فننقل هذه الفتوى التي وردت في موقع: "الإسلام سؤال وجواب"، والذي يشرف عليه فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد - حفظه الله تعالى -، ونبقى الآن مع السؤال ثم الفتوى:
السؤال: هل يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية في ثبوت الشهر وخروجه؟ وهل يجوز للمسلم أن يستعمل الآلات الحديثة لرؤية الهلال؟ أم يجب أن تكون الرؤية بالعين المجردة؟
الفتوى:
الحمد لله...
"الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يتراءى الناس الهلال، وينبغي أن يكون ذلك ممن يوثق به في دينه، وفي قوة نظره، فإذا رأوه وجب العمل بمقتضى هذا الرؤية؛ صوماً إن كان الهلال هلال رمضان، وإفطاراً إن كان الهلال هلال شوال، ولا يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية إذا لم يكن رؤية، فإن كان هناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها معتبرة لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا)).
أما الحساب فإنه لا يجوز العمل به، ولا الاعتماد عليه.
وأما استعمال ما يسمى (بالدربيل) وهو المنظار المقرب في رؤية الهلال فلا بأس به، ولكن ليس بواجب، لأن الظاهر من السنة أن الاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها، ولكن لو استعمل فرآه من يوثق به فإنه يعمل بهذه الرؤية، وقد كان الناس قديماً يستعملون ذلك لما كانوا يصعدون (المنائر) في ليلة الثلاثين من شعبان، وليلة الثلاثين من رمضان؛ فيتراءونه بواسطة هذا المنظار.
على كل حال متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤية لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا))" انتهى.
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله -.
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص192-193).
وقد نقلنا فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في هذه المسألة في جواب السؤال رقم (1245) ومما جاء فيها: "تجوز الاستعانة بآلات الرصد في رؤية الهلال، ولا يجوز الاعتماد على العلوم الفلكية في إثبات بدء شهر رمضان المبارك أو الفطر" انتهى.
وانظر "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/99).
وبهذا يتبين أن من يزعم أن علماءنا يحرمون استعمال الآلات الحديثة في رؤية الهلال، ويوجبون أن يكون ذلك بالعين المجردة؛ أنه كاذب مفترٍ.
نسأل الله - تعالى - أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن لا يجعله ملتبساً علينا فنضل، وأن يجعلنا للمتقين إماماً، والله أعلم ".