أرأيتم ذاك الإيهاب توفيق، الذي بدت منشطة تلك الحصة عبر ماخور "دريم" وكأنها أكثر ذكورة منه؟ أرأيتم ذاك التافه المنحرف المدعو سعد الصغير، الذي يجمع في كباريهات القاهرة فضلات أموال بعض الخليجيين لو طلبوا منه الغناء والرقص بسروال قد من دبر لفعل؟.. كل هؤلاء المخنثين وآخرين قضوا كل حياتهم يحلمون في الظهور ولو لربع أغنية مع مطرب جزائري اسمه الشاب خالد، حتى يذيقهم بعض حلاوة عالميته..هؤلاء هم بعض رموز حضارتهم الراقية فهذه بعض رموزنا نحن المتخلفون البرابرة.
العارفون بالسياسة وإدارة الصراعات يعلمون جيدا بأن الحقد المصري للجزائر لا يمكن بأي حال من الأحوال تفسيره بمباراة في كرة القدم، إنما هو ردة فعل منتظرة على دخول الجزائر بقوة في حلبة السياسة الدولية رغم حداثة عهدها بالاستقلال، فكيف يمكن لزعيم عربي محترم بحجم جمال عبد الناصر، كان يجول وحده ويصول بين العرب والأفارقة، أن يقبل بظهور شاب صغير درس بالقاهرة مثل العقيد هواري بومدين ينتزع منه بعض بريقه ويزاحمه في شيء من صولجانه؟ كيف يمكن لمصر أن تقبل بأن تقوم دولة عربية فتية يصف وزير خارجية أمريكا الشهير هنري كيسنجر، الذي كانوا يتهافتون للقائه ولعق حذائه وتقديم فروض الولاء والطاعة لبلاده، رئيسها، وهو في عقده الرابع فقط، بـ "الشخصية الساحرةّ"؟
كيف للمصريين أن لا يكرهونا وقد انتزع فننا السابع سعفة كان الذهبية الأولى والوحيدة في تاريخ السينما العربية ولم يمض على استرجاعنا لسيادتنا أكثر من عشر سنوات، بفضل "وقائع سنين الجمر" للمخرج المجاهد لخضر حمينة، هوليوود العرب تعلم بأن الترتيب في مثل هذه الحالات يحسب كما يحسب الترتيب في الألعاب الأولمبية حسب عدد الميداليات الذهبية، فيمكنك أن تحصل على مليار ميدالية فضية لكنني أصنف قبلك بميدالية ذهبية واحدة، هم ربما أنتجوا وينتجون مئات الأفلام لكن السعفة الذهبية الوحيدة كانت من نصيبنا.."قل موتوا بغيظكم".
كيف للمصريين أن لا يكرهونا وهم يعلمون بأنهم، وبالرغم من امتلاكهم لعشرات القامات الموسيقية والغنائية، لكنهم حيثما ساحوا في هذا العالم الفسيح وسألوا عن الذي يعرفه البشر عن الموسيقى العربية فإن اسما واحدا سيسمعونه هو اسم "الشاب خالد"، فلا أم كلثوم ولا عبد الوهاب ولا عبد الحليم ولا رياض السنباطي ولا نجاة ولا هم يحزنون؟ "يستهزؤن بالقران"
كيف للمصريين أن لا يبغضونا وأن لا يحقدوا علينا وهم الذين يتبجحون أمام الصديق قبل العدو بأنهم أرباب الدبلوماسية العربية، وبأنهم أطلقوا المسخ الذي أطلقوا عليه ظلما ونفاقا اسم "جامعة الدول العربية"، قبل أن يأتي دبلوماسيون جزائريون شباب سحبوا البساط من تحت أقدامهم المنتنة، وفضحوا عجزها
وخنوعها و"حنجريتها" وقلة ذات يدها، معلنين سقوط حضارة الأقوال وقيام حضارة الأفعال مكانها. فالدبلوماسية المصرية لم تنجح يوما في فض أي اشتباك بين العرب، بل على العكس من ذلك تماما، وعكس العواصم المحترمة فإن القاهرة كانت تتدخل كطرف في الصراعات العربية والإفريقية مما أفقدها مصداقيتها، فقد تدخلت عسكريا في الحرب الأهلية بين الأشقاء في اليمن، ولم تكتف بدعم الأمريكيين في حربه على الأشقاء في العراق بل وأمدت جودها بفيلق من العاهرات، وساندت التشاديين في حربهم على الشقيقة ليبيا، وفجرت الحرب بين الأشقاء في المقاومة الفلسطينية. هذا ما فعلته دبلوماسيتهم المحنطة - المحنكة عفوا - والعروبية والمتحضرة.
أما دبلوماسيتنا البربرية المتوحشة بقيادة وزير خارجيتنا عبد العزيز بوتفليقة فقد أدخلت المقاومة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة من أبوابها الواسعة ومكنت الشهيد أبو عمار من الخطابة في العالم عبر منبرها، كما أقنعت العالم بمقاطعة نظام الأبرتايد في جنوب إفريقيا. والدبلوماسية الجزائرية بقيادة وزير خارجيتها الشهيد محمد الصديق بن يحي هي التي نجحت في إنهاء أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران، وسؤالي هنا لهؤلاء التافهين: لما لم تستنجد بكم واشنطن للتوسط في الأزمة؟ والجواب ببساطة: لأن العالم ليس غبيا ويعرف تماما كذبكم ونفاقكم وعهركم السياسي والدبلوماسي والعسكري، ويعرف أيضا بأن البلد الذي تتحول فيه العاهرات إلى نجمات مجتمع من الصف الأول لا يمكن أن يحترمها أي طرف في أي أزمة.
دبلوماسيتنا أيها الساقطين، يا من وصمتم جبين العرب والمسلمين بالعار، يا من فضضتم بكارة الأمة وقدمتم دمها قربانا لإسرائيل، هي التي نجحت في إنهاء الحرب بين إثيوبيا وأريتريا وهي التي احتضنت مؤتمر إعلان دولة فلسطين قبل أن تكون الجزائر أول دولة تعترف بها.
دبلوماسياتنا، يا منتجي أكبر حضارة للسان في التاريخ، بقيادة وزير خارجيتنا الأخضر الإبراهيمي هي التي ساهمت في إنهاء الحرب الأهلية في لبنان، وهي التي توسطت لإنهاء الحرب الأولى في أفغانستان وهي التي توسل البيت الأبيض حتى يكون ممثلها وسيطا في العراق.
مشكلتنا نحن الجزائريين أننا لا ننتمي إلى حضارة التضخم اللفظي التي أنتجها هؤلاء المصريون، وإلا فلنتصور لحظة لو أنه خرج من بين أضلعهم علماء بقامة البروفيسور الياس زرهوني، الذي ومن فرط ثقة واشنطن في كفاءته وأمانته عينته لتسيير صندوق للبحث العلمي لا تقل ميزانيته عن 47 مليار دولار، أي ما يعادل 13 سنة من الصدقات الأمريكية على مصر والتي تقارب الثلاث مليارات دولار في السنة، وبحجم البروفيسور محمد بناة الذي منحته اليابان رخصة خاصة للتدريس في جامعاتها، لأن القانون الياباني لا يسمح للأجانب بالتدريس فيها، كما عينته مجموعة ""ميتسوبيشي" العالمية مديرا عاما لفرعها الفضائي، وبشهرة البروفيسور صنهاجي، أحد أكبر عشرة باحثين في السيدا عبر العالم.
- رفقا بكم أيها المتخلفون، يا من ليس في أجندتكم عيدا للاستقلال تحتفلون به شأن كل الشعوب المحترمة، لم نرحل بكم أبعد من تاريخنا المعاصر، ولو ذهبنا أبعد من ذلك لما اتسعت عشرات الكيلومترات من الورق، هذه بعض رموز أبناء وأحفاد حسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد وجميلة بوعزة وزهرة ظريف ووريدة مداد، فما هي رموزكم يا أحفاد أبناء سامية جمال وبرلنتي عبد الحميد وتحية كاريوكا وليلى مراد وفيفي عبده ونجوى فؤاد.